سورة الأنفال - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


قوله جلّ ذكره: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ}.
ما كان الله معذبهم وأنت فيهم، وما كان الله ليعذِّبَ أسلافَهم وأنت في أصلابهم، وليس يعذبهم اليوم وأنت فيما بينهم إجلالاً لقَدْرِك، وإكراماً لمحلِّك، وإذا خرجتَ من بينهم فلا يعذبهم وفيهم خدمك الذين يستغفرون، فالآية تجل على تشريف قَدْر الرسول- صلى الله عليه وسلم.
ويقال للجوَارِ حُرْمةٌ، فَجَارُ الكرام في ظل إنعامهم؛ فالكفار إن لم يَنْعَموا بقرب الرسول- صلى الله عليه وسلم- منهم فقد اندفع العذاب- بمجاورته- عنهم:
وأحبُها وأحبُّ منزلَها الذي *** نَزَلَتْ به وأُحِبُّ أهلَ المنزِل
ويقال إذا كان كون الرسول- صلى الله عليه وسلم- في الكفار يمنع العذاب عنهم فكون المعرفة في القلوب أوْلى بدفع العذاب عنها.
ويقال إن العذاب- وإنْ تأَخَّر عنهم مدة مقامهم في الدنيا ما دام هو عليه السلام فيهم- فلا محالة يصيبهم العذابُ في الآخرة، إذ الاعتبار بالعواقب لا بالأوقات والطوارق.
قوله جلّ ذكره: {وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
علم أنه- عليه السلام- لا يتَأَبَّد مُكْثُه في أمته إذا قال له: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الخُلْدَ} [الأنبياء: 34]، فقال إني لا أضيع أمَّتَه وإن قضى فيهم مُدَّتَه، فما دامت ألسنتهم بالاستغفار مُتَطَلِّعةً فصنوف العذاب عنهم مرتفعة.


قوله جلّ ذكره: {وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَآءَهُ}.
نَفَى العذابَ عنهم في آية، وأَثْبَتَه في آية، فالمنفيُّ في الدنيا والمثْبَتُ في الآخرة.
ثم بيَّنَ إيصالَ العذاب إليهم في الآخرة بقوله تعالى. {وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ} دليل الخطاب أن إعانة المسلمين على ما فيه قيام بحق الدين يوجب استحقاق القربة والثواب.
وفي الآية دليلٌ على أنه لا يعذِّب أولياءه بقوله: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ} فإذا عذَّبَ مَنْ يكونوا أولياءَه دلَّ على أنه يعذِّب من كان من جملة أوليائه. والمؤمنون كلُّهم أولياءُ الله لأنه قال: {اللهُ وَلِىُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 257]. والمؤمِنَ- وإنْ عذِّب بمقدار جُرْمِه زماناً فإنه لا يُخَلَّد في دار العقوبة، فما يُقاسون بالإضافة إلى تأبيد الخَلاصِ جَلَلٌ، وقيل:
إذا سَلِمَ العهدُ الذي كان بيننا *** فوُدِّي وإنْ شطَّ المزار سليمُ
قوله جلّ ذكره: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ المُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}.
وليس أولياؤه إلا المتقون، وهم الذين اتقوا الشِّرك.


قوله جلّ ذكره: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصَدِيَةً}.
تجردت أعمالهم بظواهرهم عن خلوص عقائدهم، فلم يوجِدْ- سبحانه وتعالى- لها احتساباً؛ فزكاءُ القالة لا يكون إلا مع صفاء الحالة، وعناء الظاهر لا يُقْبَلُ إلا مع ضياء السرائر.
قوله جلّ ذكره: {فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ}.
كان العذابُ مُعَجَّلا وهو حسبانهم أنهم على شيء، قال الله تعالى.
{وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104]، ومؤجَّلاً وهو كما قال الله تعالى: {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ} [الرعد: 34].

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13